مقدمة وتعريف
عبد اللطيف فايز دريان
سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية
عبد اللطيف فايز دريان

الحمد لله ربّ العالمين الذي أنزل الكتاب هدى ورحمة وبشرى للمسلمين، وأرسل رسوله شاهداً ومبشّراً ونذيراً إلى النّاس أجمعين. أمّا بعد: نلتقي وإيّاكم في رحاب دار الفتوى، هذه الدّار هي بيت للعلم وللعلماء، نلتقي وإيّاكم مع حفل تخريج كوكبة من طلّاب مركز خدمة القرآن الكريم، وإجازة من أتمّوا جمع القراءات العشر ومنهم من حفظ القرآن الكريم كاملاً، ومنهم من يُواصل المسيرة حتّى يُكرمهم الله بحفظه.


     إنّ مسيرة القرآن الكريم في الإسلام هي مسيرة الإسلام بعينها، كيف لا والقرآن الكريم هو الدّستور الأوّل، والمصدر الأساس للتّشريع الإسلامي، فإنّ أوّل آيات كريمات نزلت من القرآن الكريم كانت تحثّ على العلم، وأوّل العلوم وأشرفها هو ما يتعلّق بهذا الكتاب الكريم حفظاً وتلاوةً وتفسيراً وفقهاً وعملاً. من هنا أقبل المسلمون الأوائل وحتّى يومنا هذا وإلى قيام السّاعة إن شاء الله على الإقبال على مائدة القرآن الكريم، كي ينهلوا من هذا المعين الذي لا ينضب.


     أيّها الإخوة والأخوات، أبنائي وبناتي الحفظة لكتاب الله، قرّاء القرآن وحفّاظه تـُزرع في قلوبهم السّكينة والطّمانينة قال تعالى: ( إلّا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمئِنُّ القُلُوبُ ) وقرّاء القرآن وحفّاظه يحظوْن بذكر الله تعالى في الملأ الأعلى لقوله تعالى: ( فَاذْكُرُونِي أَذْكُركُم ). وقرّاء القرآن وحفّاظه يحظوْن بشفاعته يوم القيامة لقوله صلّى الله عليه وسلّم : " اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه "، وقوله صلّى الله عليه وسلّم : " الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصّيام ربّ إنّي منعته الطّعام والشّهوات بالنّهار فشفّعني فيه، ويقول القرآن منعته النّوم بالّليل فيُشفّعان" .

 

     وإنّنا في دار الفتوى ومؤسّساتها حريصون كلّ الحرص على النّهوض بمراكز خدمة القرآن الكريم على مساحة الوطن كلّه، وحريصون على تشجيع أبنائنا وبناتنا على ضرورة الإقبال على المراكز، ولقد أصبح لدينا في لبنان والحمد لله عدد كبير من مراكز خدمة القرآن الكريم، كما أصبح لدينا الكثير من من حفّاظ وحافظات كتاب الله عزّ وجلّ، وكما أصبح لدينا والحمد لله شيوخ وقرّاء لهم مكانتهم في لبنان ولهم حضور ومشاركة فعّالة في مسابقات حفظ القرآن الكريم وتلاوته على صعيد التّحكيم في مباريات القرآن الكريم على الصّعيدين العربي والإسلامي.

 

وأخيراً أتوجّه بالتّهنئة القلبيّة الصّادقة لآباء وأمّهات من نقوم بتخريجهم وإجازتهم اليوم في حفظ القرآن الكريم، وأتوجّه أيضاً بالتّهنئة لهذه الكوكبة المباركة التي نعتز اليوم بإجازتها. أسأل الله تعالى أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وجلاء همّنا وغمّنا ونور أبصارنا، اللّهم علّمنا القرآن وذكّرنا منه ما نسّينا وخلّقنا به وهب لنا حُسن تلاوته وحُسن الفهم له وحُسن العمل به. وفّقنا الله جميعاً لما يحبّه ويرضاه والسّلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

Developed by  LUNAR MINDS